vendredi 25 décembre 2015

بواسطة : Unknown بتاريخ : 16:59



الفصل الأول:

آيت ورابن دراسة جغرافية



I ـ الحدود الجغرافية لمنطقة بني وراين:
معلوم ما للظروف الطبيعية من أثر حاسم في مجريات الأحداث في أي مجتمع ضعيف التحكم في القوى الطبيعية، وليس في التأكيد على أهمية دور الطبيعة في المسار التاريخي لمجموعة بشرية ما، إقرار بأية حتمية جغرافية عمياء، بل المقصود هو التنبيه إلى نسبية هذا الدور العكسية مع تطور تحكم الإنسان في تلك القوى الطبيعية إذا، مدخل ضروري.
تسكن قبائل آيت وراين النطاق الجغرافي الممتد جنوب ممر تازة وهي بذلك تغطي النهاية الشمالية الشرقية لسلسة الأطلس المتوسط، إذ تمتد أراضيها من وادي إيناون في الشمال الغربي إلى وادي ملولو شرقا، وتحد جنوبا بجبال بويبلان وبوناصر، وبني وراين جيران غياثة، وتنقسم إلى مجموعتين أساسيتين: بني وراين الغربية، وبني وراين الشرقية، تنفصلان جغرافيا بسلسلة جبال الأطلس المتوسط: جبل بويبلان، وجبال موسى أو صالح.
تشغل بني وراين الغربية المجال الجغرافي الواقع أعلى وادي سبو الموجه أساسا نحو صفرو وفاس، أما بني وراين الشرقية فإنها تشغل المنخفض الأعلى لوادي ملولو أحد روافد نهر ملوية وتتسع لغابة قصبة مسون وباتجاه منخفض ملوية وسهل طفراطة ما بين كرسيف وتاوريرت.
وكان للظروف الطبيعية الصعبة التي استقر بنو وراين في البداية، أن دفعت بهم للتوسع الذي تم عبر مرحلتين: الأولى على امتداد القرنين 17 و18 م ليشمل المجال الممتد من جبل بويبلان جنوبا إلى جبل تازكا والشعرة في الشمال والغرب ولكن دائما في إطار جبلي، أما المرحلة الثانية فقد امتدت على طول القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وكان هذه المرة باتجاه المناطق السهلية نحو سهول ملولو والفحامة، والسيطرة على مساحات شاسعة من أراضي قبائل هوارة وغياثة ثم هضاب تاهلة، مطماطة ورباط الخير (أهرمومو)، مما جعل بني وراين تدخل في صراعات ضاربة وطويلة مع جيرانها خصوصا الحيانية وبني سادن وبني يازغة، لتتمكن أخيرا من السيطرة على المجال الممتد من وادي إيناون إلى هضبة المنزل.
تضاربت مجموعة من العوامل منها ما هو اقتصادي وما هو اجتماعي وما هو سياسي في توسع بني وراين على حساب القبائل المجاورة والدخول فيما سمي بالحروب التوسعية أو الامتداد المجالي لبني وراين.
 اقتصاديــا: توفر بني وراين على قطعان كبيرة من الماشية، فرض عليهم نوعا من رحلة الصيف والشتاء، حسب خط يمتد من الجنوب الشرقي في اتجاه الشمال الغربي، "فيشتي بني وراين عند آيت سادن والحياينة، حيث يعيشون تحت الخيام، ويصيفون في الأودية العالية، حيث يسكنون القرى المحصنة".
 اجتماعيــا: إن تكدس قبائل بني وراين بتانكررامت، نتج عنه اكتظاظ سكاني كبير، فقد قدر الأستاذ عبد الرحمان المودن عددهم ما بين 18 ألف و 20ألف نسمة كمعدل أواخر القرن 18، فيما أن الإنتاج الزراعي يتسم بالقلة، كما أن المجاعات والأوبئة عادة ما لا يفلت منها الجبل والصحاري وهي الشروط المتوفرة في بني وراين لذلك  يكون العنصر الديموغرافي أحد أصول التوسع الورايني.
 سياسيــا: منذ استقرار بني وراين بتانكررامت قرب زاوية امحند والفرح التي تمركزت بجبل وبلان (بويبلان) خلال القرن 16 م حسب محمد الشفشاوني صاحب كتاب الدوحة، حيث كان طموحهم الوصول إلى مدينة فاس عاصمة الحكم للانتقام لكل النكبات التي لحقت بها في الجبال أواخر القرن 17 وبداية القرن 18.
كما سبق الإشارة بأن بني وراين، لكي تسيطر على المجال الممتد من وادي إيناون إلى هضبة المنزل، لابد من الحروب الطاحنة مع قبيلة الحياينة وبني سادن وبني يازغة.
 الحرب ضد الحياينة: بدأت الحرب بين الحياينة وبني وراين 1876م وقد طردهم بني وراين خلال المرحلة الأولى من موقعهم بالجبل بأزرو وأخصاص حتى منطقة دار الواد شرق تاهلة أما المرحلة الثانية كانت الحرب ضد فرقة أولاد رياب لوحدهم سنة 1884، وتصف رسالة موجهة من الحسن بن العربي إلى السلطان ضراوة هذه الحروب قائلة: "... كل يوم خيولنا سرجة إليهم ورماتنا متحزمون ليلا ونهارا، ولم نجد من يعيننا من قبيلتنا، إنهم حركوا إلينا (بني وارين) بخيول كثيرة ورماة عديدة لديارنا... وانجرح أولادي ... ومات نحو اثنين من إخواني ... لم يسلم منا إلا القليل...".
 الحرب ضد بني سادن: إن مقولة أن بني وراين كانوا في توسعهم يميزون بين العرب والبربر خاطئة، ولم يراعوا في زحفهم إلى السهل أي اختلاف لغوي، بل عاملوا سكان "لوطا" معاملة متشابهة. وتزكي هذه الحرب الرسالة الموجهة من القائد ابن حد علي السادني، بتزكية من شيخين وأمينين، غلى خليفة السلطان بفاس، الأمير إسماعيل، بتاريخ 18 جمادة 1 – 1303/1886 "... وبعد (...) فقد وفانا الأمر الشريف مخبرا بلغا [ أنه بلغكم] خير القتال وقع بين بني سادن وبني وراين وآيت شغروشن (,,,) وغزران وبعض غياثة وماة الأمين بن علي الميموني وغيره من بني سادن وأمرنا سيدنا أن يبينوا له الحقيقة على أي شيء نشأ واعلم سيدي أما ما كان من هذا القبائل المذكورة فأمرهن حقا في ذلك أما ما كان من غياثة وغزران ليس دخلوا في هذا واعلم سيدي أما سبب الواقع بينهم كان كفاف وحقوق بينهما قبل هذا ولم يتفاصلا من الجانبين حتى وقع القتال بينهما وشاعت العداوة".
 الحرب ضد بني يازغة: كان المخزن يطوق المنطقة الجنوبية الغربية لبني وراين بقبيلة بني يازغة، لمنعهم من الزحف على السهول والتقرب من العاصمة فاس، وكان ذلك في السنين الأولى من حكم الحسن الأول، يستفاد ذلك من رسالة موجهة من موسى بن أحمد، الحاجب إلى أخيه عبد الله بن أحمد، وكان وقتئذ باشا فاس.
"وبعد وصلنا كتابك (...) مخبرا فيه بحال تلك النواحي وما فعله إيالة القائد محمد بن قاسم والقائد محمد بن قدور [الحيانيين] من النهب والقتل ومن مات من إخوان القائدين المذكورين، وآيت شغروشن وبني وراين كذلك، وبقدوم أولاد عمران عليهم حتى صار بنو وارين وآيت شغروشن في الضيق والشدة وبما فعل بنو يازغة ببني وراين حتى مات منهم وانكسروا".
وقد أدى التوسع الورايني إلى تغيير ملحوظ في الخريطة القبلية، لتظهر على مسرح الأحداث السياسية الكبرى، وبدأ المخزن يدخلها في حساباته العسكرية.

II ـ تضاريس منطقة آيت ورايـــن:
تتميز جغرافية المنطقة بضمها سلسلة جبلية تدخل في مجال الأطلس المتوسط والمساواة بسلسلة جبلية مرتفعة، فعندما تغادر فاس من جهة باب الفتوح نسير في اتجاه منحدرات ضفة وادي سبو اليسرى من هذا المنحدر تبدو نحو الشرق والجنوب الشرقي والشمالي الشرقي نظرة عامة على المناطق التي تكون ما بين فاس وتازة مجموعة من العناصر الكثيرة التقطع والتنوع وفي اتجاه الجنوب الشرقي تظهر لنا جبال بني وراين أكثر ارتفاعا وهي سلسلة مرتفعة تغلق الأفق بقممها التي تكسوها الغابة أو تعلوها الثلوج إبان فصل الصيف وأكد جل الرحالة العابرين للمنطقة على علو هذه الجبال واتساعها، إذ يقول الوزاني في "وصف إفريقيا": "وبلان أو بويبلان جبل شاهق شديد البرودة كبير الاتساع ويظهر الثلج بقمته في جميع فصول السنة".
وتحدد مستويات متدرجة في هذا النطاق الجبلي: مستوى أعلى في بويبلان 3081م، موسى أوصالح 3172م، ثم مستوى متوسط في تازكا 1980م، ثم مستوى أدنى بين 1500 و1800م كما في جبل أمسعود.
لا غرابة إذا لاحظنا أن هذا الوصف الطبيعي لتضاريس بني وراين يطغى عليه الطابع الجبلي وتلك هي السمة المميزة للمنطقة وأن المجال المنبسط لم يكن ضمن مجال بني وارين حتى السنوات الأخيرة من القرن 19، أي حتى الحسم في الحروب التوسعية السالفة الذكر، حيث أصبحت السهول الممتدة من الحدود مع غياثة على وادي بوحلو في الشرق على امتداد وادي إيناون في الشمال وواد بوزملان في الغرب حتى هضبة تاهلة جنوبا في حوزة بني وراين.

III ـ منـــاخ المنطقــة:
كان لابد من دراسة مناخ منطقة آيت وراين والتطرق إليه، ولو بصيغة مقتظبة، وعيا منا بالدور الذي لعبه ما دمنا نمهد لدراسة فترة المقاومة الوراينية للوجود الاستعماري الفرنسي بالمغرب.
تتموقع منطقة بني وراين بـ 250 كلم عن المحيط الأطلسي، وبـ 100 كلم عن البحر الأبيض المتوسط، وهذا كاف لتحديد نوع المناخ الذي سيسودها مع الأخذ بعين الاعتبار التضاريس السالفة الذكر.
إن الجزء الشمالي للأطلس المتوسط يخضع للتأثيرات الآتية من المحيط بدون حاجز، لأن الاتجاه العام للكتلة الجبلية وامتدادها المتوازي هي التي تؤثر في حالة الجو وتحدد مختلف تغيرات المناخ المحلي، هكذا فالرياح الغربية المحملة بالأمطار تجد أمامها في الشمال الغربي حاجزا تازكا والشعرة ثم الكتلتين المواليتين في الجنوب الغربي لتبدد في شبه صحراء ملوية الوسطى.
أما التساقطات فتعرف اختلافا في نسبتها، فيكفي قراءة بعض الأرقام لمحطات لا تتباعد بأكثر من 60 كلم لملاحظة هذا الاختلاف "ففي محطة باب بويدير في الكتلة الأولى في الشمال الغربي، تتلقى أزيد من 1500 ملم، في حين أن محطة بركين المتمركزة خلف سلسلة بويبلان وموسى أوصالح لا تتلقى سوى 350 ملم من الأمطار سنويا.
يطغى المناخ الجبلي على منطقة آيت وراين باعتبارها سلسلة مرتفعة تغلق الأفق، بقممها التي تكسوها الغابة، أو تعلوها الثلوج حتى إبان الصيف.
وتؤكد الدراسات الجغرافية الحديثة لمناخ المنطقة توزع السنة إلى فصلين أساسيين متعارضين تتخللها فصول انتقالية سريعة:
 الفصل المطير: هو أيضا الفصل البارد (4° - 2°) وقد يتميز ببرودة مفرطة أحيانا نظرا للهواء البارد الذي ينحدر من الجبال المحيطة، حيث تستديم الثلوج في بعضها طيلة السنة.
 في فصل الصيف: تنقلب البرودة حرارة (وقد تحادي 50 درجة أحيانا) نظرا للبعد عن المحيط وللشكل الحوضي الذي يحدث ظاهرة تركز الأشعة الشمسية فترتفع درجات الحرارة، وهو فصل جاف يزيد فيه الجفاف حدة، إذا ما هبت الرياح الشرقية التي تحمل المؤثرات الصحراوية.
أهم الرياح التي تهب بالمنظمة: رياح الغربي التي تقبل بالأمطار شتاء، وتساعد على فرز الحب من التبن صيفا، ولذلك ينيط أهل المنطقة بها بركة خاصة*.
 الرياح الشرقية: (الشركي) رياح قوية باردة في الشتاء، حارة محرقة في الصيف، يهابها السكان بالمنطقة ويتلطفون منها لأنها في سائر الأحوال "جافة ومجففة" وقد قدر هبوبها بمعدل 100 يوم في السنة.
وقد تخلف الرياح الشرقية آثارا وخيمة على المحصول الزراعي لأنها تسبب الجفاف المحرق للمزروعات "يكفي أن يهب الشركي قبل أن ينضج القمح حتى يجف ويتراخى ويضعف المردود، وهنا في ظرف لا يتجاوز ثلاثة أيام".

الفصل الثاني:
آيت وارين دراسة أنتروبولوجية
      I ـ نظام القبيلة عند آيت وراين:
احتل النظام القبلي مكانا مرموقا في الحياة العامة للأقطار المغربية واستمر يحتلها ويطبعها بطابعه إلى عهد قريب، فخلال قرون طويلة كانت القبيلة هي المحور الذي تدور عليه فيها جميع الحركات السياسية والتقلبات الاقتصادية والاجتماعية والتطورات الفكرية والاجتماعية.
إن القبيلة، بالنسبة لابن خلدون، لا تحدد بكونها جماعة منحدرة أو متفرعة عن جد أول، ولا تحدد فقط بما قد يجمع بين أعضائها من روابط الدم. إن النسب في معناه الضيق لا يعدو أن يكون معطى وهميا. لا يصمد أمام وقائع الاختلاط وعلاقات الجوار والتعايش المكاني، أما النسب في معناه الرمزي والواسع، النسب والانتساب البعيد، أو ما يماثله من أشكال التحالف والولاء والانتماء، فإنه يشكل الإطار الحقيقي للقبيلة، ويظل هذا الإطار غير مكتمل طالما لم يعززه عناصر الألفة والتعامل الطويل، طالما لم يكتسب الفرد عادات وأعراف القبيلة، ولم يتبلور لديه الوعي بوجود مصلحة عامة ومشتركة، تشده إلى بقية أعضاء جماعته: "لأنه لا معنى لكونه من هؤلاء أو هؤلاء إلا جريان أحكامهم وأحوالهم عليه وكأنه التحم بهم". ولعل أبرز وأحق ما يستدعي تكتل أعضاء القبيلة وتوحدهم هو توفرهم على أرض جماعية، إلى جانب ملكيتهم العائلية، لذا كانت حماية هذه الملكية الجماعية والدفاع عنها ضد مهاجميها من مرتكزات الحياة القبلية، ما دام الحرص عليها لا يخص أفرادا دون الآخرين بقدر ما هو مسؤولية الجميع.
كانت القبيلة هي أعلا قمة في النظام السياسي والاجتماعي الذي عرفه البربر سكان المغرب الأولون قبل الإسلام، وقد كانت تبتدئ في قاعدتها من الخلية الأولى التي هي الأسرة المتركبة من أب وزوجة أو عدة زوجات وأولاد يطيعون والدهم حق الطاعة ويؤولون جميع تصرفاته تأويلا حسنا وينظرون دوما إليه بعين الإجلال والاحترام، ثم ترتفع إلى مستوى العشيرة المشتملة على عدد من الأسر تنتمي إلى جد واحد وترتبط برابطة القرابة الوشيجة، ثم ترتقي إلى مرتبة العمارة أو البطن الذي تجمع عشائره شتى جوامع الصهر والجدار والمنفعة المشتركة، وتنتهي في القمة بالقبيلة التي تحتوي في الغالب على عدد من البطون تؤلف بينها وحدة الدم والنسب، وتشمل في النادر بطنا أو عدة بطون من غيرها انحازت لها وانضافت إليها في أوقات بعيدة أو قريبة لسبب من الأسباب فأصبحت معدودة منها بحكم الحلف والولاء.
إن اجماعة في نظر مونطاني هي الدعامة الأساسية لاستمرار  الحياة القبلية القديمة، وبصفة خاصة اجماعة "تقبيلت" التي أشاد بحيويتها، وفعاليتها في الدفاع عن حوزة الأرض، وإدارة الشؤون اليومية للسكان بما فيها إصلاح السواقي والطرق، وتنظيم الأعمال الزراعية والمبادلات وفق ما تقتضيه أعراف الجماعة ومعاييرها واتخاذ الإجراءات الزجرية والعقابية ضد كل من تجاسر على مصلحة الجماعة، بالإضافة إلى التعامل السياسي مع "المجهوريات" المجاورة.
تعتبر قبيلة آيت وارين مكونا قبليا داخل المغرب بخصوصياتها الجغرافية، ونمط عيش خاص بها تحكمه مجموعة من العادات والتقاليد ومن بينها إقامة طقوس متشابهة للاحتماء بها من الكوارث الطبيعية خصوصا الجفاف منها كطقس "تغنجة" وهي إحدى كيفية الاستسقاء تتمثل في طلب المطر عن طريق عرائس رمزية – صلبان مصنوعة من القصب تلبس لها ألبسة "العرائس" يحملها مجموعة من الصبيان وتنشد أناشيد الاستسقاء.

1 commentaire :

  1. Lucky Club Casino Site - Free Casino Bonus Codes
    Lucky Club Casino is one of the most reputable casinos around in the world, and it offers a lot of fun and high-quality bonuses to be luckyclub.live found anywhere.

    RépondreSupprimer

Fourni par Blogger.

جميع الحقوق محفوضة لذى | Privacy Policy | Contact US | إتصل بنا

amazightofficielle1