vendredi 25 décembre 2015

بواسطة : Unknown بتاريخ : 17:09
  1.   II ـ فلكور أحدوس عند آيت وارين:
يتميز الإبداع الشعري لدى قبائل آيت وارين، بكونه إبداعا شفويا، وهو تراث يأتي باللهجة الوارنية وبالدارجة أحيانا نظرا لجوار بعض القبائل العربية. فالشعر عند آيت وراين لا يقرأ ولا يكتب ولكن يغنى ويلحن، وينتهي رقصا، بلغنا هذا الشعر عن طريق الرواية الشفوية ولذلك بقي معرضا للاندثار والنقصان.
لا يخرج الإبداع الشعري عن سياق الفعل اليومي المعتاد، بل هو فعل يحايثه ليشكل لحظة أو لحظات قد ترسم للجماعة المبدعة ديمومتها عبر لغة الكلام أو لغة الرقص، إنه ضرب من الإبداع يمكن أن يلازم الإنسان طيلة مسيرته أو لحظات حياته وهي لحظات يتجاوب فيها المبدع مع ذاته، من خلال حوار داخلي، أو من خلال مقابلة مع الغير فردا أو جماعة، وللتدقيق أكثر يمكن أن نركز على الأقل على لحظتي إبداعيتين: اللحظة الأولى هي لحظة عفوية يحكمها الترويج عن النفس، أو الخروج من عزلة الذات، وخلالها يبدع الشخص لذاته، أما اللحظة الثانية فهي مبرمجة ومنظمة ومقصودة (تحت الطلب). يفضي الإبداع في اللحظتين إلى إنتاج نص أو نصوص شفوية عن الذات الفردية أو الجماعية، وهي نصوص تؤرخ للتجربة أو تستعيد الماضي وتراجعه، أو تنشد للمستقبل.
إن إنتاج الشعر هنا يرتبط بالغناء، لذلك نعتبر هذا النوع من الإبداع "شعرا غنائيا"، فهو خارج الغناء لا قيمة له، وما يمنحه القيمة هو المناسبات الاحتفالية الجماعية بما هي "سوق للتبادلات الرمزية".
يتكون الشعر الواريني من العناصر الآتية:
 تاسوت: تلك العبارة التي تسبق "إزلي"، وهي كذلك إشارة لحالة الاستعداد للهجمات الاستعمارية.
 إزلــي: يتكون من شطرين، وله ارتباط بالزواج، ويقوم الشاعر على الارتجال من أجل إبداع "إزلي"، ويعرف دائما إيقاعات داخلية.
 لغــى: وهو خاتمة لشعر أحيدوس، فهو حالة راحة بالنسبة للشاعر، لأنه يردد طيلة فترة الرقص، يكون "لغى" دائما قصيرا وسهلا ومتناولا، ولا جمالية "لإزلي" دون "لغى"، وكل عنصر يكمل الآخر.
يخضع الشعر الواريني لقاعدة أساسية، وقد يعز الشعر صاحبه وقد يهينه. ففي المناسبات الاحتفالية يكون الشاعر ومن ثمة القبيلة قد تفرغ وأنهى مشاغله ومتاعبه، فيتفرغ للإبداع ويكون التواصل مع أكبر عدد من الناس، وعندما تحظى قصيدة ما، أو لازمة بالاستحسان والقبول فإن سلطتها تتجاوز الدوار أو القبيلة لتصل إلى مناطق بعيدة.
إن الشخص الذي ينخرط في طقس أحيدوس لا يقوم بحركات رياضية فقط، أو يرسم مع غيره شكلا هندسيا، بل يترجم ثقافة تحوي تاريخها وتفردها، لذلك فإن الوقوف عند ظاهر اللوحة يخفي عنا عمقها وتجربتها الإنسانية التاريخية والتفاعلية أو بكلمة واحدة وراء الطقس يختفي العمق الأنتربولوجي للوجود الإنساني.
ككل عمل فني، وككل لوحة، لا شيء يولد مكتملا، كل شيء يبدأ بسيطا وينتهي مركبا ومعقدا. تحضر المجموعة المكونة للريف، تستعد، تتمظهر في لباس خاص بالعرض وللعرض، إنه "الحايك" الأبيض وحزام من الجلد (صمطة أحايك)، محفظة تقليدية بحزام من الحرير (تاقرابت) ثم العمامة (تشدادت) ثم الدف (ألون/البندير).
تتكون فرقة أحيدوس عند قبائل آيت وارين من شاعرا أو أكثر يلقب بشيخ القول أو "الشيخ يزلان" ومجموعة من المساعدين ضمنهم شخص آخر أو شخصين يختص في الضرب على الدف (الشيخ والون/ شيخ البندير).
يتوسط الشيخ مجموعته في شكل حلقة دائرية، ويتم ارتجال أو توليد لازمة عبارة عن بيت شعري كمقدمة مرسلة للمجموعة المقابلة، إن هذا الإرسال هو إعلان عن بداية المواجهة بين المجموعتين ميدانيا.
يتميز الإرسال الأول في الغالب بكونه مسالما يتضمن الترحيب والشكر والصلاة على النبي أو طلب أحد الأولياء لمباركة الحفل. تدريجيا، تنكسر الدائرة المغلقة والتوجه نحو المجموعة الأخرى والجمهور الذي جاء للمتابعة، يتم الانتقال من الدائرة إلى نصفها. هندسيا ينفتح الشكل المغلق لأن الإرسال سيتوجه نحو المجموعة الأخرى المحاورة أو المتابعة. ها نحن أمام تفاعل مجموعتين، إن المجموعة المستقلة سينتابها الصمت، لأنها تلقت الرسالة وما على عناصرها إلا أن ينصتوا ويستوعبوا الرسالة ويفكوا ألغازها. يرددون الرسالة في صمت وتمعن، وبعدها يعيدونها جهرا إلى مصدرها.
بعد ذلك، يقوم الفريقين معا بترديد لازمة مرافقة للبيتين الشعريين المرسلين والمقصود هنا هو ترديد "اللغا"، وفي هذه الأثناء تسمع رنين ودقات الدف (ألون/ البندير) فتبدأ عملية تشابك الأيدي إلى جانب التوسيع الذي يعرفه "الريف" وذلك بمشاركة عناصر جديدة لم تشارك الفريقين في عملياتهم الأولى كمشاركة المرأة، ليستقر الرقص على شكلين موسعين دائرين متقابلين ويطلق عليهما باللغة الأمازيغية "لرياف" فيستمر الفريقين في الرقص بتعليمات وتوجيهات من "الشيخ ن الريف"، فإذا أمعنا النظر في الفريقين نجد أن كل فريق يتوسطه رجل يتقن الرقص وهو الذي يوجه ويراقب ويصرخ في وجه افراد مجموعته من أجل الحفاظ على نظام هذا الطقس وعدم الإخلال بقواعده هنا يجب أن نشير إلى أن طقس أحيدوس يتشكل من وجود مركز "أماس" يمثله الشيخ ومساعدوه ووجود هامش "تشطيطت" يمثله باقي الأفراد.
تكمن شروط إنجاح الرقص في وجود أشخاص تتقن الرقص وتردد اللازمة ثم الانضباط لتوجيهات وحركات "الشيخ ن الريف" الذي يجب عليه بدوره الانتباه إلى أعضاء مجموعته وحركاتها فإذا رآهم تعبوا أو أصابهم الملل من رقصة ما، ينتقل إلى رقصة أخرى وفق حركة فجائية، وهكذا فالاستمرار في الرقص أو إنهاؤه يكون لصاحب الدف (الشيخ والون، البندير) ومجموعته بإشارات من الشيخ الذي يتوسط "الريف"، فيتوقف الرقص بفك تشابك الأيدي بشكل يتوافق مع اللحظة التي يستعد فيها الفريق المقابل لتغيير الرقصة، ثم تأتي بعد ذلك الجولة يسترح فيها الفريقين للاستعداد من جديد للسير على النحو السابق وقد يستمر الرقص حتى بزوغ الفجر.
لا يمكن إغفال الدور الأساسي الذي تلعبه المرأة في طقس أحيدوس، فوجود النساء بكثرة داخل الرقص مؤشر استحسان وقلتهم أو غيابهن مؤشر على عدم الرضا على الجماعة أو على طريقتها في الرقص، وما يشجع المرأة على المشاركة في الرقص هو الفرجة وانتظام "الريف" وهو ما يفضي إلى أن مشاركتها يؤدي إلى استمرار الرقص المنظم، وعدم مشاركتها يولد الفتور والملل وربما التوقف وإنهاء الحفل، وأحيدوس بدون امرأة كطعام بدون ملح .
إن الشعر الواريني لا يخرج عن نطاق الشعر بجميع الحضارات، فهو كذلك يحمل رسائل لمعالجة قضايا ومشاكل اجتماعية وليس فرجة فقط.
خلاصة القول، فطقس أحيدوس يشكل إرثا ثقافيا لقبيلة بني وراين وتاريخا بمثابة خزان لشتى العادات والتقاليد التي تتوارث جيلا بعد جيل، لذا وجب علينا الحفاظ على استمراريته كموروث ثقافي دولي.

Aucun commentaire :

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.

جميع الحقوق محفوضة لذى | Privacy Policy | Contact US | إتصل بنا

amazightofficielle1